12 شعبان 1445.
24 شباط 2024.
الرحمة والغفران في القرآن الكريم دراسة لغوية.
باب رسائل وأطاريح جامعية من الابواب التي فتحتها الوكالة للتعريف بالفكر القرآني المركون على رفوف المكتبات الجامعية وعقد هذا الباب خدمة للباحثين وتعريفا بالأبحاث القرآنية التي قدمت في الجامعات العراقية.
إن مانعرضه هنا هو ماذكره الباحث في مقدمة رسالته أو اطروحته التي تمثل نوعا من الإختزال والخلاصة التي تتناول روح الرسالة.
في هذه المرة نقدم للباحثين عن المعارف القرآنية رسالة الماجستير الموسومة ( الرحمة والغفران في القرآن الكريم دراسة لغوية) للباحث حيدر عبد الزهرة معيوف التي قدمها إلى مجلس كلية التربية في جامعة بابل وهي جزء من متطلبات درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها (فرع اللغة) بإشراف الأستاذ الدكتور رحيم جبر الحسناوي.
قال الباحث:
مرّت على اللغة العربية منذ نزول القرآن إلى عصرنا هذا مراحل مختلفة بين بداوة وحضارة وانقباض واتساع وجمود وحركة ، والقرآن الكريم في كل هذه المراحل واقف في عليائه يطلُّ على الجميع من سمائه ، وهو يشع نوراً وهداية ويفيض عذوبة وجلالة ويسيل رقة وجزالة ويرف جدةً وطلاوةً .
وهو لا يزال ـ كما كان غضاً طرياً ـ يحمل راية الإعجاز ويتحدى الأمم في يقين وثقة قائلاً في صراحة الحق وقوته ، وسلطان الإعجاز وصولته قال تعالى 🙁 قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (الإسراء : 88) .
تعدّ الدراسات القرآنية رافداً مهماً لإثراء مكتبة اللغة العربية ؛ إذ اشتملت على جميع مستويات اللغة من صوت وصرف ونحو ودلالة فضلاً عن الدراسات البلاغية المتنوعة ، وكان الهدف الذي يجمع فيما بينها هو إظهار الإعجاز القرآني ، وبيان الدقة المحكمة التي انمازت بها لغة التنزيل .
وكنت أتوق إلى معرفة أسرار كتاب الله عز وجل ، راغباً في دراسة موضوع قرآني ، وبتوفيق من الله جل جلاله وقع اختيار أستاذي المشرف على موضوع (الرحمة والغفران في القرآن الكريم ـ دراسة في مستويات اللغة ـ ) ؛ ليكون موضوعاً لبحثي في مرحلة الماجستير ، وقد شرعت في جمع المادة العلمية للموضوع فبدا لي أن يكون تقسيم البحث على بابين ، يتضمن كل باب فصلين ، ويختص كل فصل بدراسة أحد مستويات اللغة الأربعة .
درست في الفصل الأول من الباب الأول : المستوى الصوتي ، وقد بحثت فيه دلالة الإيحاء الصوتي في أحد أصوات مادة (رحم) ومادة (غفر) ، ودلالة الإدغام ، ودلالة الوقف والابتداء ، والدلالة الصوتية في القراءات القرآنية .
وكان الفصل الثاني من هذا الباب مخصصاً لدراسة المستوى الصرفي ، إذ تبيّنت فيه دلالة الصيغة الصرفية في سياق الرحمة والغفران في القرآن الكريم ، ومنها المصادر وبعض المشتقات ، وتعقبت دلالة صيغة الاسم وصيغة الفعل في الجملة ودلالة استعمال صيغة فعلية محل صيغة فعلية أخرى، ودلالة الإفراد والجمع وختمت هذا الفصل بدراسة الجموع الواردة في سياق الآيات التي درستها .
أما الفصل الأول من الباب الثاني فدرست فيه المستوى النحوي مبيّناً أثر التراكيب النحوية المختلفة في تعبير القرآن عن الرحمة والغفران فبدأت بدراسة ثلاثة من الأساليب النحوية ، وهي أسلوب التوكيد ، وأسلوب الشرط ، وأسلوب الاستثناء ثم تبيّنت دلالة التنكير والتعريف ، ودلالة التقديم والتأخير ، ودلالة الحذف والتقدير وختمت الفصل بدراسة مسائل نحوية أخرى مختلفة .
أما الفصل الثاني من هذا الباب فقد جاء مختصاً بدراسة المستوى الدلالي ، وكان هذا الفصل مقسماً على قسمين ، درست في القسم الأول الدلالة المعجمية لمادة (رحم) ومادة (غفر) ، ولثلاث من المواد الأخرى المرتبطة بهما وهي مادة (رأف) ومادة (صفح) ومادة (عفو) ، وانتهى هذا القسم ببيان معنى الاستغفار .
وكان القسم الثاني لدراسة الدلالة السياقية ، إذ كشفت فيه عن أثر السياق في لغة القرآن الكريم عندما يتحدث عن الرحمة والغفران ،وذلك من خلال دراسة الترابط الدلالي في خواتم الآيات ، واختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدّث عنه واحد ، والعدول عن الإضافة ، ودلالة الاستعارة ، ودلالة التورية ودلالة الاحتراس ، ودلالة التقديم والتأخير في السياق ، والأمر الموجه إلى الرسول الكريم محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بالاستغفار ، وأخيراً : النتائج المترتبة على الاستغفار .
وليس المقصود من عنوان الرسالة ألفاظ الرحمة والغفران فقط ، وإنما المقصود منه ألفاظ الرحمة والغفران والألفاظ المرادفة لهما التي حمل في فحواها معنى الرحمة والغفران منها لفظة (توّاب) ولفظة(أوّاب) ولفظة (رأف) ولفظة (صفح) ولفظة(عفا) وغيرها ، فهذه الألفاظ تدخل ضمن هذه الدراسة ؛ لأنها تدخل ضمناً في الرحمة والغفران ، وإن دراسة هذه الألفاظ مع الرحمة والغفران ضرورية لتكامل الموضوع .
ولا يشترط أن تكون لفظتا (رحم) و(غفر) متجاورتين أو متحدتين في السياق في هذه الدراسة ، إذ قد تكون متفرقة أو متحدة نحو (غفور رحيم) و(مغفرة ورحمة) أو (مغفرة) فقط أو (رحمة) فقط .
ويمكن أن تأتي هذه الألفاظ متجاورة كقوله تعالى : وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (البقرة : من الآية 286) وقد قدمت الرحمة على الغفران ؛ لأنّ الرحمة أوسع من الغفران ، فالرحمة قد تكون رزق من الأرزاق ، أو قد تكون غفران لذنب من الذنوب ، فمن غفر له فقد رحمه ، وليس كلّ مرحوم مغفوراً له ، في حين أنّ الم