التحرير – واقع.
2 جمادي الآخرة 1446هجرية .
4 كانون الاول 2024 ميلادية.
شكّلت شهادة سيدة نساء العالمين مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) في عمر 18 سنة صدمة كبرى في حياة الإسلام ، وخسارة فادحة كان لها تأثير معنوي كبير على الأمة الإسلامية، لاسيما في سياق حديث الثقلين الذي يقرن بين القرآن الكريم وآل البيت عليهم السلام . ويحض المسلمين على التمسك بهما .
من أبرز الخسائر التي تكبدتها الأمة بشهادة سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) في تلك السن المبكرة:
-
الخسارة القرآنية: إنّ ولادة سيدة نساء العالمين الشهيدة الزهراء (عليها السلام) في بيت الوحي والنبوة وانتمائها الى سلالة النبوة العظيمة جعل فهمها للقرآن الكريم تابعا لفهم أبيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله) وزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام) فهؤلاء الذين نزل القرآن في بيوتهم هم الذين يفهمون القرآن حق فهمه ولكن الامة حرمت نفسها من فيض معارفهم بتحييدهم وإبعادهم وقتلهم فخسر القرآن الكريم بشهادة الزهراء مظهرا عظيما له ومفسرة لآياته وسوره ، وخسرت الأمة مبكرا مصدرا عظيما من مصادر المعرفة القرآنية.
-
الخسارة الروحية والأخلاقية: كانت السيدة الزهراء (عليها السلام) رمزاً للفضيلة والتقوى، وكانت تتمتع بمكانة عالية في الدين والروحانية وبفقدانها خسرت الأمة مرجعية علمية وأخلاقية كانت تجسد أسمى القيم الإسلامية في حياتها اليومية ، وكان من الممكن أن تستمر في إرشاد الأمة وتوجيهها.
-
الخسارة في القيادة الفكرية: كانت السيدة الزهراء (عليها السلام) تتمتع بفهم عميق للقرآن الكريم والشريعة الإسلامية ، وكان بإمكانها أن تكون مرجعية فكرية للأمة، وهي التيتربت في حضن الرسالة وتلقت تعاليم الوحي مباشرة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وكان فقدان هذه القيادة الفكرية له تأثير كبير في حركة الأمة.
-
الخسارة في توجيه الأمة: كانت السيدة الزهراء (عليها السلام) بوصفها من الخمسة المطهرين تمثل أحد الأعمدة الرئيسية التي يمكن أن تقدم النصيحة والتوجيه للمسلمين بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولهذا أدت شهادتها إلى فقدان عنصر مؤثر في حفظ وحدة الأمة وتوجيهها في ظل الظروف السياسية والدينية المعقدة التي نشأت بعد شهادة النبي صلى الله عليه وآله.
-
الخسارة في الارتباط بالثقلين: إن شهادة أم ابيها (عليها السلام) كان بمثابة خسارة جزء مهم من الثقل الثاني في حديث الثقلين، أي أهل البيت، مما أثر على القوة الروحية والمعنوية التي كان يمثلها آل البيت في الحفاظ على مصداقية وتطبيق القرآن الكريم بالشكل الصحيح.
-
تداعيات سياسية: كانت مولاتنا الزهراء (عليها السلام) أحد رموز أهل البيت عليهم السلام في قيادة الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهي بقية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وصفيته ، وإنّ التجاوز عليها يعدّ تجاوزا على النبي صلى الله عليه وآله ، ومخالفة لوصيته التي حكى عنها قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فالجرأة عليها (سلام الله عليها) أفرزت جرأة على مسار الإمامة والسياسة الإسلامية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله .
من خلال هذه الخسائر، نرى أن الأمة الإسلامية فقدت شخصية محورية كانت تمثل مزيجاً من القيادة الروحية والفكرية والسياسية، وكانت قادرة على توجيه الأمة نحو التمسك بالقيم القرآنية، وإعطاء بُعد حقيقي للمفهوم الشامل للإسلام.