7 رمضان 1445.
18 آذار 2024.
أسباب حلف أهل النار لله كذبا.
قال تعالى ((ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ۚ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ)الانعام (24)
هذه الآية المباركة ومثلها آيات أخرى كثيرة ذكرت ان اهل النار يحلفون لله كذبا فمثلا قوله تعالى (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ) المجادلة 18
وكذلك قوله تعالى ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ۖ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ۚ بَلَىٰ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[ النحل: 28]
مع انهم يعلمون ان يوم القيامة هو يوم تتكشف فيه الأمور وتبرز فيه الحقائق وتكون القلوب وما اضمرت والجوارح وما كسبت ظاهرة للعيان ويكون ظاهرهم وباطنهم سواء وما ذكروه وما نسوه غير مستور ولا يخفى على الله من خافية قال تعالى (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)غافر (16)
السؤال المطروح فما هي الفائدة من حلفهم لله كذبا وكيف يكذبون وهم يعلمون ان كذبهم مشهود خلافه عيانا ؟
الجواب السبب في ذلك هو ان يوم القيامة ظهور ملكاتهم الراسخة في نفوسهم في دار الدنيا التي اعتادوا فيها أن يظهروا الباطل على الحق بالأيمان الكاذبة قال تعالى(( اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) المنافقين (2) أي إنهم اتخذوا ايمانهم في الدنيا سترة يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة كلما ظهر منهم امر يريب المؤمنين فهؤلاء اعتادوا ان يتخلصوا من المواقف الخطرة والمهلكة بالأيمان الكاذبة والاخبار المزورة فرسخت في نفوسهم ملكة الكذب والملكة اذا رسخت في النفس اضطرت النفس الى الانصياع لها كما نجد ذلك في الفحاش واللعان مثلا اذا استقرت في نفسه ملكة السب لا يقدر على الكف عنه وان عزم على تركه ونظير ذلك التخاصم الدائر بين اهل الدنيا فانه يظهر بعينه يوم القيامة بينهم وقد قص الله تعالى ذلك في مواضع كثيرة من كلامه واجمله في قوله تعالى ((وان ذلك لحق تخاصم اهل النار )) وفي المقابل فان اهل الجنة بما لهم من ملكات حسنة وبما حوته نفوسهم من الصفا والسلامة تظهر ايضا في يوم القيامة قال تعالى ((لا يسمعون فيها لغوا ولا تاثيما الا قيلا سلاما سلاما )) فقولهم حق وصدق وخال من الاثم والكذب
فالنتيجة ان كل ملكة راسخة في نفس الانسان سوف تظهر يوم القيامة وتضطر النفس الى اجابتها الى ما تدعو اليه .
يراجع الميزان ج٧ ص٥٢