واقع.
5 رمضان 1445.
16 آذار 2024.
زوجات عاصيات في حياة المعصومين عليهم السلام.
الحلقة الأولى.
يتوهم بعض الناس أن المعصوم بمعزل عن الطبيعة البشرية ؛ ويجب أن لايحدث له مايحدث لغيره من غير المعصومين؛ وقد تثار الإشكالات والشبهات حينما يتعرض الأنبياء والأوصياء للحوادث الطبيعية ؛ وتعترضهم المشاكل والعوارض التي تعرض لغيرهم من بني آدم , فيأكلون ويشربون ويمرضون ويقتلون وينحرف أولادهم وزوجاتهم أسوة بغيرهم من البشر.
وقد نقل القران الكريم هذه الأفكار الموروثة تجاه المعصوم في قوله تعالى: ( وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) الفرقان: ٧.
فمثلما يرى الناس غرابة في تناول المعصوم الطعام يرون غرابة أيضا في أن تكون له زوجة غير صالحة وامتناعه من استعمال علمه في اجتناب الزواج منها ؛ أو كشف دسائسها.
ولعل بعض الناس – ومنهم السلاطين والحكام – استفادوا من الجو النفسي والاعتقادي السائد عن المعصوم في اتجاه تخديري إقناعي , فهؤلاء يعظّمون المعصوم بغرض التبرير لتقصيرهم والتعلّل بعدم قدرتهم على فعل مايفعله المعصوم فلا يتخذونه أسوة بحجة أنه معصوم .
وحينما يعترض بعض الناس على المسؤول الفلاني ويقول له : لماذا هذا البذخ؟ لماذا لم تكن زاهدا مثل علي عليه السلام؟ فسوف يجيبك بثقة زائفة: ذاك معصوم!! فيسكت المعترض ويقتنع! لأنه محبوس في دائرة الوهم بأن العصمة هي التي أجبرت الإمام على العدالة والإمتناع عن الفساد ؛ والحال أن الإمام عليه السلام يقول: ( إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر و تثبت على جوانب المزلق)) ( ميزان الحكمة: ٢: ١١٣٦).
ولهذا ردّ القران الكريم على مثل هذه الأفكار بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) الكهف: ١٤. ووجه الدلالة في الآية أن المعصوم يأكل ويشرب ويزرع ويصنع وينام ويتزوج ويصلي ويصوم ويدعو الله تعالى فهو يمارس الحياة الطبيعية كما يمارسها غيره من الناس ؛ ويقع عليه البلاء مثلما يقع على غيره من الناس فيبتلى بجسده وبزوجته وأولاده ؛ فلاتعلقوا تكاسلكم واتباعكم الأهواء وعجزكم عن الإقتداء على عصمة الإمام مع أنه لايوظف العصمة ولايستعملها في المتعلقات البشرية الطبيعية ويستطيع إن أراد.
ومن أشد الإبتلاءات التي يبتلى بها الإنسان وتبتلى بها الأوطان أن يكون العدو من داخل البيت كالزوج او الزوجة او الأولاد أو أبناء الوطن الواحد أو المذهب الواحد أو الدين الواحد ؛ وهو أمر وارد ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) التغابن: ١٤
وهذا ماحدث لبعض المعصومين عليهم السلام فقد ابتلوا بعدم إنسجام زوجاتهم معهم اجتماعيا واعتقاديا.
وسنتناول – في حلقات- النساء الأربعة المذكورات في القران الكريم.