واقع.
8 رمضان 1445.
19 آذار 2024.
القرآن الكريم وفساد بني إسرائيل.
قال تعالى: ( وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) .
الحق أن هذه الآية قابلة للتأمل من وجوه كثيرة منها:
قبل البحث في الآية الكريمة أود الإشارة الى أمر هام هو إن ماسأكتبه ليس تفسيرا للآيات ؛ واستغفر الله أن أقول في القرآن الكريم برأيي فأنا لا أمتلك أدوات التفسير , وإنما هي قراءات وتساؤلات قابلة للرد والتصحيح.
٢. لم أطلع على آراء جميع المفسرين في الآية ؛ وليس لدي استقراء تام حولها ؛ ولكن القدر المتيقن من أقوال المفسرين فيها هو الإضطراب.
3. إن الآية الكريمة ذكرت عدد مرات الإفساد وحصرته بمرتين ؛ والحال أن بني إسرائيل انخرطوا في الفساد ولم تجف أقدامهم من العبور بعد ؛ وانغمسوا حتى هاماتهم بالفساد والإفساد ؛ ولذلك يمكن أن يكون في هذا التحديد دلالة على أن الفساد في هاتين المرتين ليس فسادا محدودا ببيئة ببني إسرائيل وإنما كان فسادا عالميا كبيرا { وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً}
٢. منح الفرصة لبني إسرائيل للعودة مرة أخرى ليس فقط للعيش المسالم والإذعان وإنما للإنتصار والغلبة ايضا ( ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً). وفيه دلالة على أن الله سبحانه لايمنع الفرص حتى عن المجرمين والمنحرفين للعودة عن انحرافهم بل ويمكّنهم أيضا.
٣. اختلف المفسرون كثيرا في طبيعة هذا الفساد وفي تاريخه أيضا بين من قال : إن المرتين حدثتا في التاريخ القديم ؛ وبين من قال : إنهما وقعتا في التاريخ الحديث ؛ وبين من قال: إنهما لم تقعا الى الآن ؛ أو وقعت إحداهما على الأقل.
٤. إنّ الأفعال التي ذكرت عقاب بني إسرائيل عن الإفساد الأول جاءت بصيغة الماضي ( بعثنا ؛ جاسوا) فيما جاءت صيغة الأفعال التي ذكرت عقوبة الإفساد الثاني بصيغة المضارع ( ليدخلوا ؛ ليتبروا) مما يرجّح وقوع الإفساد الأول في الماضي , إلا أن يقال إن التعبير وإن جاء بالماضي ولكن يراد منه المضارع إذ يقع مثل هذا الأسلوب في القرآن الكريم.
٥. إنّ الآية التي تحدّثت عن الفساد الأول , وماترتّب عليه من عقوبة أعقبته بأن الله سبحانه سيعيد المكنة لبني إسرائيل بعد هزيمتهم في المرة الأولى { رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} ولكن الآية الأخرى لم تذكر هذه الخاصية بعد الهزيمة الثانية , ولعل هذا يكشف عن عدم قدرة بني إسرائيل على أن يكونوا قوة مؤثرة في العالم , ويشكلوا دولة قادرة على نشر الفساد مرة أخرى .
٦. الواقع الذي يحكم العالم اليوم من نفوذ الدولة الصهيونية العميقة وحجم الفساد العالمي الذي يمارسه بنو إسرائيل في العالم لايساعدان على الرأي الذي ذكره بعض المفسرين من وقوع الإفسادين في العصور القديمة.
٧. ورد في تفاسير الشيعة الروائية ومنها البرهان أن الإفسادين والعلو الكبير يصدقان على قتل الأئمة علي والحسن والحسين عليهم السلام وفيه وجه بيّن من جهة اتباع فراعنة هذه الأمة لبني إسرائيل في علوّهم واستكبارهم وممارستهم القتل ؛ فإذا كان بنو إسرائيل قد مارسوا العلو والكبر فذكرهم الله في القرآن الكريم ووصمهم بالفساد الكبير وعاقبهم عليه فكيف بمن يقتل سيد الأوصياء ويقتل سيدي شباب الجنة ؟! وكيف لايكون قتلهم فسادا كبيرا فيكون أحد مصاديق الآية الكريمة؟!