الشيخ محمد العلي . استراليا- واقع.
19 شعبان 1445.
1 آذار 2024.
قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ ﴾[ سورة المائدة: 44]
من هم الربانيون في هذه الاية المباركة ؟
قال الامام ابو جعفر عليه السلام: ( فينا نزلت).
وفي تفسير العياشي رواية عن الامام الصادق عليه السلام يبين فيها لأبي عمرو الزبيدي الحجة في أنّ الامام عليه السلام عالم بكل ما تحتاج اليه الأمة.
فيقول له قول الله فيمن أذن الله لهم في الحكومة وجعلهم أهلها: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} فهذه الائمة دون الأنبياء الذين يربّون الناس بعلمهم -أي أنّ الربانيين هم الائمة الذين يربّون الناس بعلمهم -وأما الأحبار فهم العلماء دون الربانيين.
ثم يستدل الامام الصادق عليه السلام على أنّ الربانيين هم الأئمة بذيل الآية وهو قوله تعالى: ( بما استحفظوا من كتاب الله ) فالآية لم تقل (حملوا ) حيث فرّقت بين علم العلماء وهم الأحبار فإنهم يحملون العلم كما ورد في قوله تعالى (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ).
فإن قلت إن الآية عطفت الأحبار على الربانيين فقالت: (والربانيين والاحبار بما استحفظوا ) , قال السيد العلامة في تعليقه على الرواية: إن الحفظ والشهادة للعلماء أمر شرعي اعتباري , بينما للأنبياء والربانيين فهو شرعي حقيقي , ولذا اشترط فيه أن يكون خاليا من الغلط والخطأ , أي أن يكون المكلّف بحفظ الكتاب والشهادة عليه معصوما وإلّا يستحيل أن يكون ممن يجوز عليه الغلط والخطأ ويجعله الله تعالى شاهدا على الكتاب تلك الشهادة التي يثبت بها الكتاب.
فإن قلت: إن الآية مختصة باليهود , والكتاب هو التوراة, أجاب العلامة الطباطبائي قائلا: إن العلة التي استدعت أن يكون الربانيون من بني إسرائيل هم المكلفون بالاستحفاظ , والشهادة هي كون التوراة كتابا منزلا من عند الله سبحانه , مشتملا على هدى ونور , أي على المعارف الاعتقادية والعملية التي تحتاج لها الامة هي نفسها , فهذا حال كل كتاب منزل من عند الله , مشتمل على معارف وأحكام عملية يستدعي أن يكون حافظا له وشاهدا عليه ليأذن له في الحكم .
النتيجة:
إن الربانيين هم حالة وسطية بين الأنبياء والعلماء بحسب معطيات الآية الكريمة ودلالتها على أن الربانيين يحكمون بالتوراة على ضوء حفظهم لها وشهادتهم عليها .
يراجع تفسير الميزان ذيل الاية المباركة.